كشف مستهلكون عن لجوء عدد من المراكز التجارية والجمعيات إلى إعلان تخفيضات غير حقيقية على أسعار سلع غذائية غير موجودة في منافذ البيع التابعة لها للتحايل على اتفاقيات تثبيت وتخفيض الأسعار التي أبرموها مع وزارة الاقتصاد أخيراً.
وشكا المستهلكون من عدم التزام إدارات المراكز التجارية والجمعيات باتفاقيات تخفيض الأسعار التي تم إعلانها مع وزارة الاقتصاد أخيراً، معتبرين أن «تلك الاتفاقيات التي تواصل الوزارة توقيعها لتثبيت أسعار بعض السلع الأساسية أصبحت بلا جدوى ولا تزيد عن كونها حبراً على ورق في ظل غياب الرقابة على التنفيذ الفعلي لتلك الاتفاقيات». وأشاروا إلى أن الاتفاقيات أصبح دورها الوحيد الدعاية فقط واجتذاب المزيد من المستهلكين للمراكز التجارية والجمعيات، حيث يفاجأون يومياً بزيادات جديدة في الأسعار لا يستطيعون مجاراتها في غالب الأحيان».
وأكد عدد من المستهلكين أنهم لم يشعروا بتخفيضات حقيقية في أسعار العديد من المواد الغذائية على الرغم من إبرام تلك الاتفاقيات بهدف تثبيت أسعار السلع، التي لا يجدون العديد منها في منافذ البيع، مطالبين بزيادة عدد السلع التي تشملها الاتفاقيات واتخاذ إجراءات جذرية لتنفيذ الاتفاقيات وإعلانها في وسائل الإعلام المختلفة. بدورهم، اعترف مسؤولو مراكز تجارية باختفاء عدد من السلع الغذائية المعلن عن تثبيت وتخفيض أسعارها بسبب عدم توافر تلك المنتجات واتجاه المراكز لتوفيرها عبر الاستيراد.
غياب الرقابة
وتفصيلاً، قال المواطن محمد حمودي «ما نقرأه في الصحف و يصرح به المسؤولون عن الرقابة في الأسواق أو تخفيض أسعار بعض السلع الأساسية لا وجود له على أرض الواقع، لافتاً إلى أن أسعار بعض السلع الأساسية تحديداً شهدت ارتفاعات غير مسبوقة ربما تزيد ثلاثة أضعاف خلال فترة لا تتجاوز الشهرين مثل الزيوت والأرز».
وطالب حمودي «وزارة الاقتصاد بدعم أسعار بيع بعض السلع الأساسية واتخاذ إجراءات جذرية من أجل السيطرة على الأسعار وتكثيف الرقابة على الأسواق»، مشيراً إلى أنه «لابد من الضغط على الموردين والتجار من أجل تخفيض هوامش الربح أو التفاهم مع الجمعيات لتنفيذ الاستيراد الجماعي كما نشر وعدم ترك السوق بلا ضابط أو ترك المستهلكين تحت رحمة التجار». وقال محسن صالح، الموظف في إحدى الدوائر المحلية «اعتقد أن التوقيع على هذه الاتفاقيات جاء من قبيل الدعاية حتى يقتنع المستهلكون أن جميع الأطراف تقوم بواجبها في حمايتهم، كما أن هذه التخفيضات تشمل عدداً قليلاً من السلع»، مطالباً بزيادتها لتشمل مئات السلع حتى يشعر المستهلك بتأثيرها، وأضاف «ربما أننا لا نشعر بهذه التخفيضات نتيجة وجود زيادات رهيبة في أسعار مئات السلع الأخرى أو لأن التخفيضات تشمل عدداً قليلاً من السلع، ما يجعلنا نئن تحت وطأة الغلاء وجشع التجار».
ولفت إبراهيم علي، المهندس في إحدى الدوائر الحكومية، إلى أن «الاتفاقيات أصبحت حبراً على ورق في ظل عدم تنفيذها وترويج المراكز التجارية والجمعيات لتخفيضات وهمية لسلع غير موجودة من الأساس على أرففها»، مؤكداً أن «غالبية تخفيضات المراكز وهمية ويجب تطبيق المعايير القانونية عليها وإعلانها عبر وسائل الأعلام لضمان تطبيقها».
أزمة عالمية
من جانبه، أكد المتحدث باسم مجموعة اللولو هايبر ماركت، ناندا كومار، التزام المجموعة بتثبيت أسعار 32 سلعة أساسية وبيعها وفقاً لأسعار العام الماضي، وقال «إننا نقوم ببيع أكثر من 32 سلعة بسعر الشراء وأحيانا أقل من سعر الشراء مثل الأرز، والبيض، والطحين، والسكر، وغيرها»، مضيفاً أن «مؤشرات الأسعار التي تصدرها وزارة الاقتصاد تشير إلى هذا الالتزام كما تبين أن الأسعار التي تبيع بها «اللولو» العديد من السلع الأساسية أفضل من بقية الجمعيات والهايبر ماركت الأخرى».
إلا أن كومار أقر في الوقت ذاته باختفاء بعض السلع الأساسية من الأرفف، لافتا إلى أنه «إذا كانت السلعة الأساسية متوافرة، حتى وإن كانت أسعارها عالية فإننا نقوم ببيعها بأسعار التكلفة ـ وفقا للاتفاق مع الوزارة ـ لكن هناك بعض السلع التي يوجد نقص في كمياتها كالأرز، وهذه المشكلة ليست محلية فقط بل هي أزمة عالمية، فماذا نفعل؟». وأضاف «نسعى حالياً لإبرام اتفاقيات للاستيراد المباشر من دول عدة في محاولة للتغلب على الأزمة»، مؤكداً أنه «يجب أن لا نلوم المستهلكين الذين تزداد معاناتهم بالفعل ولكن يجب أن يكونوا على علم أن الأمر لا يرتبط بعوامل داخلية بل بعوامل خارجية تؤثر في جميع الدول وليست الإمارات فقط».
غياب السلع
وأشار مدير العلاقات العامة في مجموعة «إيميك جروب» ومراكز اللولو التجارية في دبي والإمارات الشمالية عمر كريم إلى أن «الاقبال على السلع المتفق على تثبيت وتخفيض أسعارها يجعلها في بعض الأحيان غير موجودة».
وأضاف أن «المجموعة تلتزم ببنود اتفاقياتها مع وزارة الاقتصاد بتخفيض أسعار نحو 79 سلعة غذائية، ولا يوجد توجه للإخلال بتلك الاتفاقية»، ملمحاً إلى أن «تلك السلع لاقت إقبالاً كبيراً من قبل المستهلكين خلال الفترة الماضية».
وأوضح أن «المجموعة غير مسؤولة عن السلع التجارية التي يرفع أسعارها الموردون، إنما تلتزم بالسلع التي تقوم باستيرادها والتي تم الاتفاق عليها مع وزارة الاقتصاد»، نافياً أن «يكون غياب تلك السلع بسبب الخسائر المترتبة على بيعها بأسعار مخفضة، لأن المجموعة تعتبر تلك السلع بمثابة عروض ترويجية تقدمها لعملائها».
تثبيت الأسعار
بدوره، طالب نائب المدير العام لجمعية أبوظبي التعاونية، فيصل العرشي، باتخاذ إجراءات جذرية وفورية من أجل السيطرة على الأسعار وعدم الاكتفاء بالتوقيع على اتفاقـــيات مع عــدد من الجمعيات أو الهايبر ماركت لتثبيت أسعار عدد محدد من السلع. وأشار إلى أن «الظروف المحلية وأزمة الغذاء العالمية تفرضان على الوزارة السعي لتثبيت أسعار عدد من السلع الأساسية، وليكن 50 سلعة، بحيث تكون ملزمة بالنسبة للجميع على أن تراقب بشكل صارم الالتزام بها، وأن تفرض عقوبات صارمة على من يرفض الالتزام بها».
التزام الجمعيات
وقال نائب المدير العام لجمعية الاتحاد التعاونية في دبي، إبراهيم البحر «إن الجمعية ملتزمة بتنفيذ بنود الاتفاقية التي أبرمتها مع وزارة الاقتصاد بتثبيت أسعار السلع الغذائية الأساسية في جميع منافذ البيع التابعة لفروعها في الأسواق طوال العام الجاري دون تغيير بغض النظر عن ارتفاعات الأسعار من جانب الموردين».
ونفى أن تكون التخفيضات المعلن عنها في أسعار السلع الغذائية وهمية أو غير واقعية، مشيراً إلى أن «المستهلكين يبحثون غالباً عن السلع ذات الماركات والعلامات التجارية العالمية التي تكون مرتفعة السعر بينما تتوافر في الوقت نفسه المنتجات التي يتم تثبيت أسعارها والتي تحمل العلامة التجارية باسم الجمعية وتتوافر في جميع الفروع». وأوضح أن «الجمعية أعلنت منذ البداية أن تثبيت الأسعار سيشمل فقط المنتجات الغذائيــة التي تقوم باستيرادها وتعبئتها من السلع الغذائية الأساسية والتي تشمل نحو 16 سلعة تضــم منتجات الطحين والسكر والأرز والشاي والبيض والخبز والزيوت والسمن وغيرها من السلع الأخرى».
وأكد أنه «لا يوجد أي نقص في تلك المنتجات التي التزمت إدارة الجمعية بتوفيرها في منافذ البيع لوجود مخزون جيد منها في المستودعات التابعة للجمعية»، ملمحاً إلى أن «المشكلة ربما ترجع إلى عدم قدرة بعض منافذ البيع التي أعلنت عن تثبيت أسعار السلع بالالتزام بتنفيذ الاتفاقيات الموقعة مع الاقتصاد، حيث أعلن بعضها عن توفير نحو 20 أو 30 سلعة غذائية بينما المنتجات الأساسية أقل من ذلك العدد».
اتفاقيات جديدة مقبلة
من جانبه، قال وكيل أول وزارة الاقتصاد، محمد عبدالعزيز الشحي، معلقاً على الأمر «نراقب السوق بكل حزم ونصدر تقريراً أسبوعياً حول الأسعار بناء على جولات تفتيشية مستمرة على الأسواق»، لافتاً إلى أن التقارير أثبتت طوال الفترة الماضية التزام كل من «كارفور» و«اللولو هايبر ماركت» بتثبيت أسعار السلع المتفق عليها. وشدد على أن «يتم نشر التقارير في الصحف وعلى الموقع الالكتروني للوزارة أسبوعياً لمساعدة المستهلك على التعرف إلى الأسعار»، لافتاً إلى «ضرورة أن يكون للمستهلك دور كبير في فرض الالتزام بالأسعار، وبأن فرصة الشكوى متاحة بغرض حماية المستهلك في حالة وجود أي تلاعب».
وقال «إن هذه الاتفاقيات أثبتت جدواها في تخفيف حدة غلاء الأسعار على المستهلكين بشكل مستمر كاشفاً أنه سيتم خلال الأسبوع المقبل التوقيع على اتفاقيات جديدة مع أطراف ـ رفض أن يحددها ـ لتثبيت أسعار المزيد من السلع في الأسواق».
((الامارات اليوم))